كابوس التنمر
كيف لطفلة ذات عشر سنوات فقط أن تستوعب قصر قامتها أو عجز التعلم سيكون نقمة تواجهها في حياتها؟ هذا ما كان يدور في رأس طالبتي قبل أن أعلم حقيقة مشاعرها المحصورة بين الخوف والعجز كمن يذهب الى مكان ويفقد جزءا منه ويعود.
قطعت حاجزها المنيع الذي شكلته لمواجهة عاصفة الاستهزاء في رفع يدها للإجابة على الرغم من معرفتها للإجابة الصحيحة.
في الفسحة أراها تنظر بشرود غامض للأطفال الطبيعيين الذين لا يتعرضون للتنمر بحقد على سعادتهم يختلط به حلم ممارستها حقها البسيط في أسوار المدرسة، أرى في عينها صراعات وأحداث وتهيؤات تذيب طموحها.
حتى أنه مر في ذهني شريط أخذني لتصرفاتها بتكسير الألعاب وضرب الأطفال بوحشية وتمزيق صفحات الكتاب وشكوى أمها
السابقة بكاءها المستمر بسبب رغبتها في النقل من هذه المدرسة لأخرى.
تأكدت أنها تعاني من التنمر وبدأت معها رحلة الخروج من كهف كاد يودي بحياتها لتصبح متنمرة كبيرة أو ربما تكون في أعداد المنتحرين. إن الضعف الداخلي الذي يمتلكه المتنمرون يعود لسبب العزلة في محيطهم الاجتماعي وحاجتهم للانتماء وعجزهم للفت الانتباه والمحافظة على الأصدقاء، بذلك تتجسد أفعالهم بالعنف الجسدي والنفسي لضحيتهم وفي المقابل الضحية كل ما يدور في رأسها أن قصر قامتها هو الدافع وراء استهزائهم الدائم بها.
كم من الاهتمام والمراقبة نحتاج لأطفالنا في ظل انتشار هذه الكارثة؟ كم من الأذى الذي حمله أطفالنا في داخلهم؟ كابوس
مدرسي يضع كل المسؤولية على الأسرة والمدرسة والمدراء للحد من شدة هذا الظلام الذي خيم على البيئة المدرسية ومستقبل الأطفال.
ختاما علينا زرع الوعي في أبنائنا بصفات المتنمرين والأسباب التي تقودهم للتنمر حتى يعوا أن تصرفات المتنمرين تكون من منطلق الضعف لا القوة كما يعتقدون. كذلك المجتمع على حد سواء عليه أن يتكاتف لإيقاف التنمر بمفهومه العام
والمدرسي بشكل خاص. أتساءل أخيرا كم حالة تنمر يوميا في مدارسنا سواء صرحت أو لم تصرح وحتى الحالات التي لم تكتشف الى الآن؟.
ندى أحمد صقر الشيدية
كلية التربية
الأسطح الخضراء
في قلب المدن الحديثة، حيث يطغى الإسمنت على الطبيعة، تبرز فكرة «الأسطح الخضراء/Green Roof” كواحدة من أكثر الحلول العمرانية بساطة وفعالية في آنٍ واحد. الأسطح الخضراء هي مساحات يتم تغطيتها بطبقات نباتية على أسطح المباني، تتضمن تربة خاصة، ونباتات مختارة بعناية، ونظامًا لتصريف المياه. تختلف أشكالها بين أسطح بسيطة مزروعة بالعشب، وأخرى معقدة تحتوي على حدائق صغيرة ومسارات للمشي.
يتطلب تنفيذ الأسطح الخضراء التأكد من قدرة السقف الإنشائية على تحمّل الأوزان الزائدة الناتجة عن التربة والمياه والغطاء النباتي، وذلك من خلال تحليل الأحمال. كما يشمل التصميم دمج طبقات عزل مائي وحراري، ونظام تصريف فعّال يمنع تجمع المياه ويضمن استدامة النظام دون التأثير على هيكل المبنى. «لماذا تحتاج الجامعات إلى أسطح خضراء؟» على المستوى البيئي، تساهم هذه الأسطح في خفض درجة حرارة المباني من خلال تقليل امتصاص الحرارة كما تعمل كمصفاة طبيعية تنقّي الهواء من الملوثات وتزيد من نسبة الأكسجين وتقلّل من الضوضاء والغبار. لكن ما يجعل الفكرة أكثر إثارة هو بعدها التعليمي، فالجامعات ليست فقط أماكن لحضور المحاضرات وحفظ النظريات، بل هي مختبرات للحياة. تبنّي فكرة الأسطح الخضراء يمنح الطلاب من مختلف التخصصات فرصة لتطبيق معرفتهم على أرض الواقع. على سبيل المثال، طلاب الهندسة المدنية والميكانيكية يمكنهم تصميم الأنظمة الإنشائية والميكانيكية اللازمة. أما طلاب العلوم والبيئة فبإمكانهم دراسة النباتات المحلية ومدى تكيفها مع مناخ الكويت. طلاب العمارة بدورهم قد يدمجون مفاهيم التصميم المستدام في مشاريعهم.
هل يمكن تطبيق هذه الفكرة في جامعة الكويت؟ غالبية المباني الجامعية في الكويت تعتمد على الأسطح الخرسانية المسطحة، والتي يمكن أن تتحمّل أوزانًا إضافية مثل أحواض الزراعة أو التربة، لكن ذلك مشروط بدراسة إنشائية دقيقة. يمكن أن تبدأ التجربة على نطاق صغير بمشروع تجريبي في أحد مباني الكليات أو الإدارة ومشاركة طلابية فاعلة من خلال أندية بيئية أو مجاميع تطوعية.
شيماء نايف محمد
كلية الهندسة والبترول
المعلم والطالب
علاقة المعلم مع الطالب هي أنقى وأصفى علاقات الإنسانية حيث تبقى في ذاكرة الطفل الى نهاية العمر، من المستحيل أن لا يكون هناك معلم كنت تحبه وتفضله عن باقي المعلمين، وان النفسية والبناء الدافعية هي الأساس في العلاقه، لذا كيف نحفز الطالب وكيف نبنيها؟، دور المعلم فعال يؤثر على الطالب ودوره إيجاد بيئه جاذبه وأيضا دور الطالب مهم في الفصل لخلق جو مناسب وتنافسي بين باقي زملائه، هدف المعلم الاسمى و الأجدر بالعمل هو العملية التعليمية لكن الطالب يرى ان المعلم هو القدوة و المثال يحتذى به، ومن المهم ان المعلم تكون لدية سمات سلوكية وشخصية لا توثر على الطالب سلبا بالعكس دور المعلم في ان يظهر صفات إيجابية فيلتزم بمعايير شخصية للمعلم مثل الصدق و الثقة و الاحترام اهم ثلاث صفات من الازم يحتذى بها المعلم، وتعزيز الفكر وبناء وجهات النظر وزرع الأفكار كله يكون من اتجاه المعلم ويرسله الى طلابه، وبناء الثقه المشتركه بين المعلم والطالب ومراعاة بالفروق الفردية اهم عامل جذب لثقة الطالب، وتحسين نقاط الضعف و الوقوف عند نقاط القوة وتعزيزها من المهم ان نتعامل مع كل طالب على حسب مستواه التعليمي وكل صفه فيه على الأساس المناسب له، ومرجعية الطالب هو المعلم من المدرسه يعرف الشخص نفسه من هواياته وخاصتاً قيادة المعلم ووعيه بالصف بان ينمي مواهب طالبه ويكتشفها، وعندما الطالب يعرف هوايته وموهبه سوف يشعر ان لديه قوة وثقة بالنفس، لذا كيف نجعل الحصه مفيده وترتكز في اذهان التلاميذ، على المعلمين ان يجعلوا الدرس فيه أنشطه مرتبطه بالدرس، كلما كان الدرس اكثر متعه وجاذبيه للتلميذ، بهذه الطريقة سوف يحب الطفل الذهاب الي المدرسة، وإيجاد استراتيجيات مناسبة لكل طالب على الأقل خمس استراتيجيات في الحصه، بعض المعلمين يجيدونها متعبه لكن عندما ترى حبهم لك وللمادة التي تقدمها وتشعر بمشاعرهم اتجاهك سوف تتغير نظرتك من مجرد ان تلامس مشاعر طالبك حيث تتطور مشاعره الى ان يحب باقي معلمينه والمدرسة سوف يذهب الى المدرسة بحب ويدرس بحب.
علياء رضا درويش
كلية التربية
هل الجامعة مكانًا لتعويض ما فات؟
ان بعض طلبة الجامعة المستجدين في اول تجربة لهم مع تكاليف المقررات الدراسية ينتبهون انهم لا يملكون المقومات الأساسية لتنفيذ هذه التكاليف، وأعني هنا استخدام الأدوات الاساسية في التعليم الرقمي كـ “الوورد» و»البوربوينت»، وحتى المهارات التنظيمية التي تساعدهم على إنجاز البحوث والمشاريع الدراسية.
وأستذكر موقفًا عالقًا في ذهني، حين تحدّث أحد الاساتذة في إحدى المحاضرات بكل صراحة، قائلاً: “أنا لا أُعاني من ضعف في التفاعل معكم، بل أُعاني من ضعف مخرجات التعليم قبل مرحلة الجامعة، حين أستقبل طالبًا لا يستطيع توظيف ابسط أدوات البحوث والتكاليف والعروض التقديمية، الحقيقة ان تدريبي لكم على تلك الأدوات والمهارات ليست من مهامي، ولكنني أجد نفسي في كل مرة اتعامل معها نتيجة خذلان مخرجات الدراسات السابقة”
أقول: ان هذا الاعتراف ليس مجرد شكوى شخصية، بل جرس إنذار يجب أن يُسمع. فالجامعة ليست مكانًا لتعويض ما فات، بل هي مرحلة لصقل القدرات والانطلاق نحو المستقبل. وإن لم تكن المهارات الأساسية موجودة عند الطالب مسبقًا، فسيظل يركض للحاق بغيره بدل أن يركّز على تطوير نفسه علمياً.
وهنا اقترح ان تكون اختبارات القدرات ليست مقتصرة فقط على المواد العلمية، بل على استخدام الطالب لأدوات التعليم الرقمية الحديثة أيضا، بهذه الطريقة نضمن أن الجميع ينطلق من خط واحد، دون أن يشعر أحدهم بأنه «متأخر» عن زملائه بسبب نقص في المهارات.
في النهاية، علينا أن ندرك أن جودة التعليم لا تقاس بعدد الخريجين، بل بمدى جاهزيتهم للتعامل مع العالم الحقيقي. وما لم نُعِد النظر فيما نُدرّسه في الثانوية، ونربطه بواقع الجامعة، فستظل الفجوة تتّسع… ومعها تتزايد معاناة الطلاب وأساتذتهم على حد سواء.
محمد عباس البلوشي
كلية الآداب
الذكاء الاصطناعي بين الواقع والمستقبل
أحدث الذكاء الاصطناعي (AI) تحولًا جذريًا في مختلف مجالات الحياة، وعلى رأسها التعليم فقد باتت الأدوات الذكية جزءًا من بيئات التعلم المعاصرة، تسهم في دعم المعلم، وتمكين المتعلم، وإعادة تشكيل العملية التربوية بأكملها وبينما تتسارع وتيرة التطور التكنولوجي، يُطرح التساؤل حول مدى جاهزية الأنظمة التربوية لاستيعاب هذا التحول، ومدى قدرتها على التكيف مع مستقبل قد تتغير فيه أدوار المعلمين، وأساليب التدريس، بل وحتى فلسفة التعليم ذاتها تهدف هذه المقالة إلى تحليل واقع استخدام الذكاء الاصطناعي في التربية، واستشراف آفاقه المستقبلية، مع مناقشة التحديات والممكنات المرتبطة به
أولًا: واقع الذكاء الاصطناعي في التربية
يشهد الواقع التربوي استخدامات متزايدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تشمل نظم التعليم المخصصة (Personalized Learning Systems)، والمساعدات الذكية (Chatbots)، وأنظمة تقييم الأداء، وتحليل بيانات الطلاب على سبيل المثال، تُستخدم خوارزميات التعلم الآلي لتحليل أساليب التعلم وتقديم محتوى يتوافق مع احتياجات كل متعلم، كما في منصات مثل “Knewton” و”Coursera” (Luckin et al, 2016)
في السياق العربي، بدأت بعض الدول مثل الإمارات والسعودية باعتماد نماذج تعليمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلا أن الاستخدام لا يزال محدودًا نسبيًا، ويواجه تحديات تتعلق بالبنية التحتية، وتأهيل المعلمين، ومقاومة التغيير
ثانيًا: الآفاق المستقبلية لتكامل الذكاء الاصطناعي في التربية
يتوقع أن يزداد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب، ليتحول من أداة داعمة إلى شريك فاعل في العملية التعليمية ومن أبرز الاتجاهات المستقبلية:
المعلم الذكي المساعد: حيث يتولى الذكاء الاصطناعي المهام الروتينية، مما يتيح للمعلم التركيز على الجوانب الإنسانية والإبداعية
تحليل البيانات التربوية الضخمةلتوقع سلوك المتعلمين وتقديم تدخلات مبكرة
3 الواقع المعزز والافتراضي المعتمد على الذكاء الاصطناعي: لبناء بيئات تعلم تفاعلية وغامرة
التقييم التكيفي (Adaptive Assessment) الذي يغير الأسئلة بشكل ديناميكي بناءً على مستوى أداء المتعلم
عيسى حمد جاسم ظاهر
كلية التربية
مساعدة.. علم النفس التربوي
في يوم من الأيام، بينما كنت أجلس أذاكر مادة علم النفس التربوي، سألني ابني الذي يبلغ من العمر 8 سنوات، ماذا تدرسين؟
قلت له: «يا سالم، هل تعرف ما هو علم النفس التربوي؟» هز رأسه قائلاً: «لا أعرف.”
ابتسمت وقلت: «إنه يشبه إلى حد ما فهم طريقة تفكيرك وشعورك، وكيف تتعلم الأشياء في المدرسة أو في اللعب.”
سألني سالم بفضول: «وكيف يساعدنا ذلك؟”
أجبت: “علم النفس التربوي يساعد المعلمين على فهمك بشكل أفضل، وكيف تجعلك الدروس ممتعة وسهلة الفهم. كما يساعدك على التغلب على الصعوبات التي تواجهها في الدراسة، وعلى فهم مشاعرك.”
قال سالم : «هذا مثير للاهتمام! هل يمكن أن تعطيني مثالاً؟”
أجبت: “بالتأكيد. لنفترض أنك تشعر بالملل في الصف. علم النفس التربوي يساعد المعلم على معرفة سبب شعورك بالملل، ربما لأن الدرس صعب، أو لأنه غير ممتع. ثم يحاول المعلم تغيير طريقة التدريس، أو جعل الدرس أكثر متعة، حتى تستمتع بالتعلم.”
نظر إلي سالم وقال: «أفهم الآن! إنه مثل مساعدة الأطفال على أن يصبحوا أفضل في كل شيء.”
أومأت برأسي وقلت: «بالضبط يا سالم ! علم النفس التربوي هو عن مساعدتك على النمو والتعلم بطريقة صحية وسعيدة.”
أنوار علي جابر رومي
كلية التربية
حنين إلى الماضي يا كويت
في زمن مضى، ليس ببعيد ولكنه بنظرنا مر عليها دهر، وما زلنا نعيش مرارة غيابها ونشتاق لحلاوة ذكرياتها، كانت الكويت عاصمة للترفيه والثقافة، تتلألأ كجوهرة في سماء الخليج وكان لقبها لؤلؤه الخليج، ما الذي اطفأ نورها وبريقها ، كانت المدينة الترفيهية كقلب نابض، وكان هذا الزحام جزءًا من متعة التجربة، تجذب الزوار من كل حدب وصوب، وتملأ القلوب بالفرح والمرح ، خاصة من شباب وبنات الخليج، ولكن هذا كان دليلًا على حيوية المكان وشعبيته.
اليوم، نشتاق إلى تلك الأيام، ونتمنى عودة المدينة الترفيهية إلى سابق عهدها، بل نستطيع تجاوزه بالتطور التكنولوجي. نتمنى أن تعود عوالمها الساحرة، التي كنا ننتقل من عالم الى اخر بدخولنا البوابات الكبيرة، والبوابات تنقسم الى أربعه أقسام وهم :العالم العربي، ويحتوي على مجموعة ألعاب تشير إلى الطابع العربي مثل الرحالة، مراكب الخليج والسندباد البحري ومجموعة كبيرة من الألعاب للكبار والصغار.العالم الدولي، ويحتوي على ألعاب مثل المراكب الأفريقية، السيارات الأوروبية، حلبة رعاة البقر، الجندول الأسترالي، القطار الأمريكي الذي يدور حول المدينه الترفيهيه بكامل عوالمها ،وغيرها من الألعاب المتنوعة.عالم المستقبل ويضم الألعاب التي تمثل التقدم العلمي وحضارة المستقبل مثل قبة الفضاء وألعاب الفيديو الأوركيد جيم بالإضافة إلى اللعبة العملاقة المكسر والإعصار ولعبة عاصفة الصحراء المحببه لقلبي والحديقة الإقليمية، وتتميز بمساحات خضراء واسعة تتسع لأعداد كبيرة من الزوار وبها بحيرة ومسجد لإقامة الصلاة ومسرح روماني مكشوف وألعاب مثل النسر الطائر العملاقة ولعبة القوارب اللاسلكية.
وأن نرى الكويت مرة أخرى عاصمة للألعاب الترفيهية، كما كانت في الماضي وافضل منه ، ولازالت محفوره بذاكرتنا كيف ننسى المرح والسعاده ،والمغامرات وضحكاتنا وصراخنا بشكل هستيري .
يا الله كم اشتقت لها ولألعابها ولا يمكنني وصف هذه المشاعر ، لأن في القلب غصه وحرقه ،وبالبال دائمًا يتردد هذا السؤال لماذا تم ايقافها ؟!!، فكنا لانعرف السفر لقضاء عطله الصيف خارج البلاد ، فقد كنا نستمتع بها وبجوها والعابها .
قلوبنا اليوم مليئة بالحنين للماضي والأمل في المستقبل والتطور، نتذكر «وين كنا وكيف صرنا»، ونتمنى أن تعود الكويت إلى مجدها، وأن تضيء سماء الترفيه والفن مرة أخرى.
قلوبنا اليوم مليئة بالحنين والأمل، نتذكر «وين كنا وكيف صرنا»، ونتمنى أن تعود الكويت إلى مجدها.
بينما نتأمل في ذكريات المدينة الترفيهية، ندرك أن الشوق إليها ليس مجرد حنين إلى الماضي، بل هو نداء للمستقبل، يجب أن نتحول من مجرد تذكر الأيام الطفوله إلى رؤية واضحة لما يمكن أن تكون عليه المدينة الترفيهية في المستقبل.
يجب أن نعيد إحياء هذا الصرح الترفيهي، ليس فقط كتذكير بماضينا، بل كرمز لطموحاتنا. يجب أن نجعلها وجهة ترفيهية عالمية، تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والترفيه المبتكر، مع الحفاظ على هويتنا الثقافية. يجب أن نضمن أن تكون المدينة الترفيهية مكانًا يجمع بين المرح والتعليم، ويقدم تجارب لا تُنسى لجميع الأعمار.
يجب أن نعيد بناء المدينة الترفيهية، ليس فقط كمدينة ألعاب، بل كرمز لأملنا في مستقبل مشرق ومزدهر للكويت.
بدريه مطر غانم الشمري
مقال طارئ
لطالما أحببت مشهدَ الطلبةِ المتخرجين للتو بشكل عام وهم مصطفون، كأنهم بنيان مرصوص وهذا ما يناسب المقام، لأنهم مصطفون يحاربون الجهلَ والفساد والجزع والوهم والوهن بعلمهم وعملهم الذين هم على مشارفه، واقفون يؤدّون ذلك القَسَم الذي تقشعر له الأبدانُ، وتنصِت له الآذانُ، وقعه كحدِّ السنان، أيًّـا كان. فلكل مهنة قَسَمها الخاص. ومن المعروف أن أصل القَسَم المهني يعود إلى العصور القديمة، إلا أنني اهتممت بقَسَم الطب خاصة لأسباب؛ لعظمته وشهرته فمن لا يعرف قَسَم أبقراط؟ وكيف يلاقي رواجًا بين الأوساط كافة. أما السبب الثاني الذي قادني لكتابة هذا المقال، هو أن شريحة كبيرة من الناس تأبه بجسد الإنسان المادي فقط، ولا تكترث لعقله وروحه، ومن هنا ينبع الاهتمام بقَسَم الطب عوضًا عن أي قَسَم مهني آخر مثل قَسَم التعليم التربوي. وإنني على دراية بأن القَسَم ليس مَن يحدد ضمائرَ وسلوكيات البشر. صحيح أن هذا القَسَم يوجب على مؤدّيه العملَ به واعتناقَه ليكونَ دينَه وإيمانه ودستوره الذي يسير على خطاه. إلا أنني أثق بمقولة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: «لِسَانُ الْحَالِ أَصْدَقُ مِنْ لِسَانِ الْمَقَالِ”. فتراءى لي أن كلا القَسَميْن متشابهان في المضامين! حيث إنني أرى الصفَّ الدراسي في الجامعة وغرفة الطوارئ بالعين ذاتها؛ كل من يدخل إحدى الغرفتين تكون قافلته جائرةَ السبيل.
فور انتهاء الطالب من 12 سنة دراسية في صفوف المدرسة يدخل البعض منهم غرفةَ الطوارئ، بدخوله التعليم الجامعي. يأتي وأعراضه تعدُّ ولا تحصى، فهو مصاب بعدوى الجهل، وقد حُقِنَ مرارًا وتكرارًا بمخدّر التجهيل، يعاني من فقدان الشغف، يشكو ضمورًا في عضلاته العقلية؛ بسبب الاستهانة بقدراته الحقيقية طيلة فترة نموه. يقاسي الشللَ الفكري النقدي، فالطالب ينزف العدمَ، ويأكل نفسَه من شدة القلق حيالَ مستقبله، أما الهشاشة فأصابت نفسيتَه قبل عظامه. حيث حوصر في منطقة رمادية ليس لها ملامح حينما كان في المدرسة. منطقة يراها الطالب جَنةً وهي نفسها التي ستجلب له الجِنَّة فور اصطدامه بالواقع الجامعي.
من وجهة نظري يعود ذلك لعدة أسباب منها: بعض المعلمين فهناك المعلم الذي يُحبط من قدراته، يعطيه تكليفات لا تناسب سنَّه -لسهولتها-، حينما يتجاهل المعلم في ممارساته التدريسية هرمَ بلوم العقلي المعرفي، ويغفل عن هرم كراثول الوجداني، ويتناسى هرمَ سمبسون المهاري؛ فهو معلم يطوّق من إمكانات الطالب، ويثير زوبعةَ الجهل في نفسه.
وعندما يركّز المعلم على القياس والتقييم ويترك التقويم. فهو ينجح في شيء واحد هو: تهيئة الطالب للاختبار الورقي لا لاختبار الحياة. أي يجعله أسيرَ وريقة لا يعي حتى ما كتب فيها في بعض الأحيان، كل ما يريده الطالبُ وأسرته الدرجةَ الكاملةَ، ومع الأسف يرى بعض الطلبة أن الدرجة الكاملة هي حقٌّ مستحَق، وهذه مشكلة ثقافية اجتماعية تحتاج لوقفة أخرى.
حقيقة، لا أحد يستطيع إنكارَ ما نحن فيه من واقع تعليمي مَعيش، نحن في قعْر المصيبة، في مواجهة مع داء استفحل واستشرى وتوغل. ومَن لا يدرك أننا في كربٍ تعليمي عظيم فلينظر إلى نتائج الكويت في PISA أو 2023 TIMSS. وغيرها... سيرى المرضَ متفشيًّا. قيل: «ما أسوأ التعليمَ الذي لا يكون فيه علم، ولا يكون فيه خُلق وتغيير ورفض وتجاوز واحتجاج!».
قالها الطغرائي في لاميّته الشهيرة، وقد صدق: ما أضيق العيشَ لولا فسحة الأمل! والأمل هذه المرة معقود في نواصي طالب اليوم ومعلم الغد، رسالتي الأولى لطالب كلية التربية معلم المستقبل تعاملْ مع هذا المريض/ الطالب بحِرَفية حينما تكون في الميدان، حاول إنعاشَه، طبب جراحاته الفكرية، عالج تقرحاته النفسية، بُثَّ النبضَ فيه من جديد، نحن مسؤولون عن ذلك أمام الله، فهذا هو الاختبار، وتأكد فورَ فهمك أن المنهج «مجموعة من المكونات المنظمة لتحقيق غايات محددة» وأنك تمثل 70% من المنهج، فستعي ماهيةَ الأمر. ذكّر نفسَك أن المنهج ليس كتابًا دراسيًّا فقط، هذا الكتاب لا حول ولا قوة له دونك، هو بحاجة لك فأنت الأساس. فاعقد النية، وثق أنك التغييرُ ولو كنت فردًا واحدًا في مشفى التعليم الذي يضج بجرحى اللامبالاة، كن طبيبًا لنفسك قبل العالم.
أما رسالتي الثانية فهي لكل طالب جامعي بمختلف التخصصات، إن كنت تشعر بالأعراض المرفقة أعلاه فسارع بالتشافي، من خلال أساتذة يفقهون ما يقولون، ومن خلال دراستك الذاتية وثقافتك المعرفية وغيرها.. فالحياة ليست وريقة اختبار.
أود التنبيهَ: عملية الإنعاش قد لا تستغرق يومًا مثلما يحدث في غرفة الطوارئ الحقيقية بأسوأ الأحوال، لا بأس بأربعة مقررات ليتم إنعاشك، مثلما حصل معي.
لطالما أحببت هذه الآية التي قال فيها تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِيَ﴾ مما يعني أرواحنا فيها من نور الله وقدرته، فلا بد من تقديس هذه الهبة وحُسْن استعمالها وجعل هذا النور يزيد ويفيض، فنصّي ما هو إلا تذكرة علَّ الذكرى تنفع المؤمنين، والحمد لله رب العالمين.
سبأ الفضلي
كلية التربية
ثورة في تفكير الطلاب؟
في ظل التطور السريع لوسائل التعليم وطرق التدريس، أصبح من الضروري الاستثمار في استراتيجيات جديدة ومبتكرة لتحسين جودة التعليم، تعد البطاقات المروحية واحدة من هذه الاستراتيجيات التي تساعد في تعزيز مهارات الطلاب وتعزيز التفاعل النشط داخل الفصل الدراسي.
ماهي البطاقات المروحية؟
تعتبر البطاقات المروحية أداة تعليمية تستخدم لتدريس المفاهيم والمعلومات بشكل تفاعليًا ومشوقًا . تتمثل فكرة البطاقات المروحية في استخدام بطاقات صغيرة تحتوي على معلومات أو أسئلة مختلفة الدرس لتحفيز التفاعل والتفكير النقدي لدى الطلاب. يمكن استخدام البطاقات المروحية في مختلف المجالات التعليمية مثل العلوم، اللغة، الرياضيات وغيرها. كذلك يمكن للمعلمين استخدامها لجميع المراحل التعليمية سواء كانت المرحلة الابتدائية ، المرحلة المتوسطة أو المرحلة الثانوية.
من فوائد استخدام البطاقات المروحية في التعليم:
يساعد استخدام البطاقات المروحية في تنشيط العقل وتحفيز الطلاب على التفكير النقدي، كما تساهم البطاقات المروحية في زيادة مشاركة الطلاب وتحفيزهم على التفاعل الفعال مع المحتوى الدراسي، أيضًا يحسن استخدام البطاقات المروحية على قدرة الطلاب على استيعاب المعلومات وتذكرها بشكل أفضل، كذلك تساعد البطاقات المروحية في تعزيز التعاون والعمل الجماعي بين الطلاب من خلال قضاء وقتاً ممتعاً وتفاعلياً معاً.
كيفية استخدام البطاقات المروحية في التعليم:
• تحديد الموضوعات الرئيسية: يقوم المعلم بتحديد الموضوعات الرئيسية التي يرغب في تعليمها باستخدام البطاقات المروحية.
• إنشاء البطاقات: ينشئ المعلم بطاقات تحتوي على معلومات مهمة ومتنوعة تدعم المحتوى الدراسي.
• توزيع البطاقات: يوزع المعلم البطاقات على مجاميع الطلاب ثم يطلب باستخدامها على شكل مروحة ويشجعهم على قراءتها والاستفادة منها بحيث لكل طالب دور في المجموعة.
وفي الختام؛ تعد استراتيجية البطاقات المروحية من وسائل تفاعل الطلاب مع المحتوى الدراسي بشكل مبتكر وفعال داخل الفصل ، و من خلال توظيف هذه الاستراتيجية في التعليم، يمكن تحسين جودة التعلم وزيادة فهم الطلاب للمفاهيم الصعبة بطريقة مبسطة. بالتالي، يجب التفكير في تبني استراتيجية البطاقات المروحية كجزء من مخطط التدريس لتعزيز تجربة التعلم وتحقيق النجاح الأكاديمي.
ألطاف سعد شويت السعيدي
كلية التربية
حين يفكك المختلف ألغاز المختلف:قراءة نفسية ورمزية في مشهد التوحد والطلاسم في صخب الخسيف
مقدمة:
في روايته صخب الخسيف، يستخدم أسامة المسلم الأدب الغرائبي بوصفه مساحة لقول المسكوت عنه، وخاصة فيما يتعلق بالمعاناة النفسية والعزلة.
من أكثر مشاهده ثراءً وإيحاءً، مشهد حلّ ابن خالة عدنان، المصاب بالتوحد، لشفرة الكلمات الغريبة المكتوبة على الجدار. هذا الحدث الصغير يحمل دلالات عميقة تتجاوز وظيفته السردية، ليصبح مشهدًا رمزيًا يطرح تساؤلات عن الفهم، والاختلاف، والحاجة لمن يرى العالم بلغة مغايرة.
أولًا: رمزية ابن الخالة التوحدي:
يمثل هذا الطفل «الآخر» الذي يرفضه المجتمع لأنه لا يتحدث بطريقته، ولا يتواصل بشكل تقليدي. لكنه في الرواية، يتحول إلى الوسيط الفهمي، القادر على قراءة الطلاسم التي استعصى تفسيرها على عدنان وأهله. هذه المفارقة تكشف رمزية بالغة، المختلف هو الوحيد الذي اخترق الجدار الرمزي بين عدنان والعالم، كأن المؤلف يقول: الفهم لا يحتاج لغة سائدة، بل لغة مشتركة من الداخل.
ثانيًا: القراءة النفسية - الطبيب المختص في صورة الطفل:
يمكننا تأويل شخصية هذا الطفل كتجسيد رمزي للمعالج النفسي أو لمن لديه القدرة العلمية والوجدانية على تفكيك المعاناة.
فبينما يفسر المجتمع الطلاسم بأنها جنون أو مسّ، يأتي هو من زاوية مختلفة، ويستخدم طريقة تحليل (حذف أول وآخر حرفين)، ليُنتج رسائل إنسانية واضحة: «لا تقلق نحن هنا... أمك سبب همك... سوف ينتهي همك غدًا.» هنا، يُبرز الكاتب بشكل غير مباشر أهمية التحليل النفسي، لا تهويل، لا رعب، بل فهم منظم لصوت النفس.
ثالثًا: الالتقاء في العزلة - توحد مقابل تهميش:
كل من عدنان وابن خالته معزولان، لكن كلٌ لسبب مختلف، عدنان يُهمَّش لأنه لا «يفهم» كما يفهم الآخرون. وابن خالته يُعزَل لأنه يفهم بطريقة لا يفهمها الآخرون. في هذا المشهد، نرى لحظة اتصال حقيقي بينهما، لحظة اعتراف ضمني أن المعاناة توحّدنا أحيانًا أكثر من التشابه.
ننتقل لبعد تفسيري آخر من الرواية نقسمه لثلاثة مستويات كل مستوى يحمل تساؤل هام
أولًا: لماذا لم تُفك الرموز قبل موت الأم؟
الكاتب أراد أن يجعل من زمن الفهم متأخرًا دائمًا عن زمن الفعل. بمعنى: « ما نفهم المشكلة إلا بعد ما يصير الضرر.» ابن خالة عدنان قدر يفك الرموز، لكن بعد ما كانت قد بدأت سلسلة من الانهيارات النفسية. عدنان لم يعد يحتمل، و»غدًا» - كما توقّع النص – فعلاً انتهى همه بموت أمه. هذا يوصلنا إلى فكرة رمزية وهي أن «المعنى لا يظهر إلا بعد الكارثة.»وهذا يعكس مأساة حقيقية نعيشها في المجتمعات: فهم متأخر، واستجابة بعد فوات الأوان.
ثانيًا: البعد الاجتماعي: نقد قاسٍ لا مجاملة فيه.
لماذا اختار الكاتب نهاية مأساوية؟
هنا يظهر أسامة المسلم وكأنه يقول للقارئ:»أنا لا أكتب حلمًا، بل أكتب مرآة.» بمعنى أن النهاية المؤلمة ليست خيالًا، بل هي واقع آلاف الأطفال الذين يُتهمون بالتخلف، ويعيشون عزلة، ولا يُسمَع لهم. الكاتب لم يُرِد تهدئة القارئ، بل إزعاجه كي لا ينام مرتاح الضمير. في عالم الرواية، الرموز لا تُفك إلا بعد الخسارة. وهذا تصوير دقيق لواقع كثير من العائلات التي لا تُدرك معاناة ابنها إلا بعد أن يُصاب بانهيار، أو يتعرض لمأساة. الكاتب لم يُرِد نهاية فيها أمل سريع، لأنه يرى أن المجتمعات لا تتحرك إلا بعد المصيبة. المجتمع لا يسمع الطفل لأنه لا «يتكلم مثلنا». لا يصدّق الألم إلا إذا صار موتًا. لا يبحث عن الرموز إلا بعد أن يندم. لذلك، النهاية بهذه السوداوية ليست لأن الكاتب يائس، بل لأنه يريد صدمة تنبيهية. كأنما يقول: «هل كان يجب أن تموت الأم لتفهموا؟ كم عدنان آخر يحتاج أن يُفهم قبل أن يتأخر الوقت؟»
ثالثًا: تحليل رمزي لعنوان الرواية: لماذا صخب الخسيف؟ - العنوان كصورة للحالة النفسية:
يحمل عنوان الرواية بُعدًا رمزيًا عميقًا، يقوم على مفارقة لغوية ودلالية بين كلمتين متضادتين: «الصخب» والخسيف».
الصخب: يشير إلى الضجيج، الأصوات العالية، الفوضى، والصراع. لكن في الرواية، لا نرى صخبًا خارجيّا، بل نعيشه كاضطراب داخلي يضجّ في وجدان الطفل عدنان، صخب صامت. صراخ لا يُسمع. لغة لا تُفهم.
الخسيف: من «خَسَفَ»، ويعني الانحدار، الغرق، الانهيار في العمق. وهو هنا ليس خسفًا جيولوجيًا، بل سقوطًا نفسيًا تدريجيًا، انخساف الذات. تلاشي الصوت. غرق في عزلة لا يراها أحد.
يجمع العنوان بين المتناقضين ليصوّر مفارقة وجودية مؤلمة، أن يضجّ الإنسان في داخله، بينما يظنه الجميع صامتًا. تمامًا كما يحدث لعدنان صراخه لا يُسمع، معاناته تُرى ك «تخلف» وخسفه الداخلي لا يحرّك من حوله إلا بعد فوات الأوان.
في ظل النهاية المأساوية، يصبح العنوان بمثابة تنبؤ أو تحذير، هناك ضجيج في الخفاء، هناك من ينهار بصمت فهل نسمعه قبل أن يخسف؟ هنا لا يكتب أسامة المسلم مجرد رواية رعب، بل يضع المتلقي أمام مسؤولية أخلاقية: أن ينتبه إلى صخب من حوله، حتى لو كان في قاع الخسف.
ننتقل الآن لتفكيك الأفكار الرمزية الكبرى والمعاني العميقة وسنقسمها لثلاثة مستويات أيضًا
أولًا: الأم كرمز للرعاية المختلّة - حين تكون الرعاية عبئًا
في مشهد رمزي محوري، يربط الكاتب بين الهم الذي يثقل عدنان ووجود أمه، حتى يذهب بعيدًا في هذا الربط حين تأتي الجملة الصادمة بعد تفكيك رمزيتها. هذا الربط بين الهم والموت ليس فقط جزءًا من حبكة الغرابة، بل يحمل نقدًا اجتماعيًا عميقًا لفكرة الرعاية المفترضة داخل الأسرة. فالأم التي تمثل عادة رمزًا للحنان، والحب، والاحتواء، تظهر هنا بشكل مختلف تمامًا. هي موجودة في حياة ابنها، لكنها لا تفهم معاناته، ولا تقرأ إشاراته النفسية، وتكتفي برعاية شكلية تكرّس العزلة. كأن الرعاية هنا تتحول إلى قيد ذهني، لا ملجأ شعوري. فهل كان موتها راحة لعدنان؟ الرواية تقول ذلك بكل جرأة، لكنها تلمّح إلى أن غياب الرعاية المؤذية، حتى وإن لم يُشفَ الجرح، فهو يوقف تعميقه. المفارقة المؤلمة أن غياب الأم لم يأت كعقوبة، بل كتحوّل ضروري لكشف الحقيقة، أن الأمان الزائف أقسى من الفراغ، وأن الاهتمام من غير فهم عاطفي قد يُفاقم الجرح بدل مداواته. بهذا المعنى، تتحول شخصية الأم إلى رمز للرعاية التي تفشل لأنها لا ترى الطفل كما هو، بل «كما ينبغي أن يكون» وهنا تكمن المأساة الكبرى. عدنان لم يحتج أمًا فقط، بل من تفهم ألمه، لا من تفسره على طريقتها.
ثانيًا: تغييب الأب وتضخيم حضور الأم - رمزية العاطفة عندما تضلّ طريقها
رغم وجود الأب ضمن سياق الرواية، إلا أن الكاتب يتعمّد تجاهله سرديًا، فلا يلعب أي دور بارز في حياة عدنان النفسية. هذا التجاهل ليس صدفة، بل موقف فني، يوجّه القارئ نحو قراءة رمزية أعمق، مفادها أن الألم النفسي في «صخب الخسيف» لا يصدر من الغياب، بل من الحضور الخاطئ. فعدنان لا يُقدَّم كطفل بلا والد، بل كطفل يعيش تحت رعاية أم تُغرقه باهتمام شكلي، دون احتواء شعوري حقيقي. في المقابل، لا يظهر الأب كشخصية ضاغطة أو مزعجة، بل كظلِّ بعيد لا يحمل التأثير النفسي ذاته. وهنا تُطرَح المفارقة، لماذا كانت الأم وحدها مصدر «الهم»، بينما لم يُحمَّل الأب نفس العبء رغم وجوده؟ الإجابة تكمن في رمزية الأدوار العاطفية. في الثقافة العربية، بل وفي الوجدان الإنساني عمومًا، الأم هي المعادل الرمزي للعاطفة، للأمان، للملاذ الأول. لذلك، حين تخطئ الأم في رعايتها، فالألم الناتج لا يُقارن؛ لأنه يصدر من منبع يُفترض أنه شفاء. بينما الأب - في هذا السياق - يصبح مجرد حيّز غائب لا يُنتظر منه الكثير شعوريًا. وبهذا، تصبح الأم رمزًا للعاطفة عندما تُمارَس بطريقة خانقة، مربكة، ومشوّهة. إنها لا تؤذي لأنها تكره، بل لأنها لم تفهم. ولهذا، فإن موتها لا يُصوّر كخلاص تام، بل ك «نهاية لعلة كبرى» كانت تُغذّي الانهيار النفسي لعدنان. فالمعاناة الأقسى لا تأتي من الفقد، بل من رعاية تظن نفسها حنانًا وهي عبء.
ثالثًا: انفصال الذات عن التعبير - حين تُكتَب الكلمات من الداخل ولا تَفهَم
من أكثر المشاهد غرابة ورمزية في الرواية، هو مشهد كتابة الطلاسم أمام عدنان، لا بيده، بل أمام عينيه مباشرة - وكأن
الحائط « يكتب نفسه». هو يراها، يذهل منها، لكنه لا يعرف من كتبها. والأم تتهمه بأنه المسؤول عن هذه الكتابات، لكنه ينفعل ويرفض، وكأن الاتهام جرح مزدوج أن يُحمَّل مسؤولية ما لا يفهمه، وأن يُنكر عليه المجتمع صدق ارتباكه أمام ما يحدث داخله.
هنا يمكن قراءة المشهد نفسياً على أنه رمز لانفصال عدنان عن ذاته التعبيرية. إنه لا يعرف كيف يشرح نفسه، ولا يشعر أن هذه الكلمات تمثّله، لكنها تخرج من «داخله» بشكل غامض. هذه الحيرة تطرح احتمالًا مؤلمًا وهو أن معاناة عدنان ليست فقط في صمته، بل في كونه لا يفهم صوته أصلاً. ما يُكتب على الجدار هو صدى لألم داخلي، لكنه لا يُترجمه، بل يراه يحدث وكأنه من قوة خارجة عن إرادته. وهنا يتحول الجدار من «لوحة» إلى حقل نفسي يُسجّل عليه اللاوعي. كل كلمة تُنقش ليست فعلًا واعيًا، بل انكشاف لجزء داخلي عميق، لم يقدر عدنان على احتوائه أو فهمه. وهذا ما يجعل تهمة الأم مضاعفة القسوة، ليست فقط لا تفهمه، بل تتّهمه بما هو نفسه غير قادر على تفسيره. وفي هذا المشهد، يصبح عدنان ضحية لألمين معًا، الداخل الذي يخرج دون إذنه، والخارج الذي لا يصدّقه.
خاتمة للتأمل
«صخب الخسيف» ليست قصة رعب، بل صرخة ضد الصمت، والعنف الأسري غير المرئي. الكاتب لم يغلق الباب تمامًا، لكنه لم يمنح القارئ النهاية التي يرتاح لها، بل النهاية التي تؤلمه كي يستيقظ.
معالي سعد عوده العنزي
الإفلات المشروع من العقاب
إننا اليوم نشهد انحيازًا صريحًا نحو العدالة الحقة، لا العدالة الشكلية
“القانون مرآة تعكس قيم المجتمع، وليس مطرقة تفرضها”
بسم الله الرحمن الرحيم،
وإنه لمن دواعي فخري أن أكون في صفّ مناصري العدالة، حيث أقف اليوم لأدافع
عن قرار تاريخي يعيد تصويب بوصلة التشريع، قرار إلغاء المادة 182 من قانون
الجزاء الكويتي، والتي طالما شكلت شرخاً في جدار العدالة، ومأخذاً على صمت
القانون حين يُفترض أن يصدح بالحق.”
فليسمح لي المقام أن أنتقل من التعريف إلى التفنيد، ومن الحضور إلى الحجة.
إن المادة 182 من قانون الجزاء – قبل إلغائها – لم تكن إلا غلافًا قانونيًا يُقنّن
الإفلات من العقوبة باسم الزواج، وكأن العلاقة الجبرية تُمحى بمباركة شكلية. لكنها
في جوهرها كانت تُشكّل اعتداءً مضاعفًا، الأول حين وقعت الجريمة، والثاني حين
قرّر القانون أن يُكافئ الجاني بزواج قسري، ويُحمّل الضحية ثمنَ صمت المجتمع.”
لقد كرّست المواثيق الدولية، ومنها الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان في مادته الخامسة، مبدأ ‘عدم إخضاع أي إنسان للتعذيب
أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة’، وإن إجبار المجني
عليها على الزواج ممن اعتدى عليها يُعدّ صورة من صور هذه
المعاملة المهينة.
ومن هنا، فإن القوانين العصرية يجب أن تواكب تطورات الفكر
الحقوقي والاجتماعي، بحيث لا تكتفي بردع الجريمة، بل تسعى
أيضاً لإعادة بناء الثقة بين الفرد والمؤسسات القانونية.
إن المجتمع
العادل هو من يرفض إضفاء شرعية اجتماعية على الجريمة،
وبدلاً من ذلك يُعزز ثقافة المحاسبة والمساواة.
إننا نطمح إلى مجتمع تُصان فيه حقوق الإنسان، ويُحمى فيه
الضعيف، وتُؤخذ فيه كرامة الضحايا بعين الاعتبار، لا أن تُمحى
بجرة قلم باسم المصالحة الشكلية. فقيمة القانون تكمن في عدالته،
لا في قدرته على تسوية الأضرار على حساب الضحايا.”
يقول الفقيه القانوني “جان فافورو” ( Jean Favoreu):
“ليست القوانين إلا مرآة لقيم المجتمع، وإذا لم تعكس هذه القيم
فإنها تصبح أدوات قمع وليست أدوات عدل.”
وهذا ينطبق تماماً على المادة الملغاة، التي كانت تتغاضى عن
جريمة شنعاء مقابل ما يُسمى “زواجاً”، وهو في حقيقته تسوية
مهينة للضحية.
أما من المنظور الشرعي، فإن الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ
الكرامة والعقل والنفس، وجاءت لحماية المستضعفين لا لإجبارهم
على التعايش مع معذبيهم.
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
“الشرع مبني على مصالح العباد في المعاش والمعاد، في جلب
المنافع ودفع المضار.”
ولا مصلحة في تزويج المعتدي بالمجني عليها، بل فيه مفسدة
عظيمة، ونقضٌ لأصل العدالة ومقاصد الشريعة.
وفي حديث نبوي شريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لا يُجزى الوالد بولده، ولا يُجزى الجار بجاره، ولا يُجزى الزاني
بمن زنى بها.” [الحديث في معناه وليس نصاً ثابتاً، لكن معناه يرفض مكافأة المعتدي]
فالزواج في الإسلام مبني على الرضا والاختيار، لا على الإكراه
والإذلال.
لذلك فإن إلغاء المادة 182 ليس فقط تحركاً قانونياً، بل هو انتصار
لمنظومة العدالة في بعدها الإنساني، ويُعدّ ترجمة حقيقية لاحترام
حقوق الإنسان، وإعلاءً لقيمة المرأة وكرامتها.
ويجب أن تتكامل هذه الخطوة مع حملات توعوية تربوية، لتعزيز
ثقافة الرفض المجتمعي للتستر على المعتدين، وتغليب صوت
الضحية في المعادلة القانونية.
في حين وجود تفكير معارض مني لهذا القانون
“إن المادة 182 من قانون الجزاء، وإن بدت لأول وهلة متعارضة مع
مفاهيم العدالة الحديثة، فإنها صيغت في ظل اعتبارات مجتمعية معقدة تستند
إلى السياق الاجتماعي والأخلاقي الذي لا يجوز تجاهله. فالقانون لا يُفترض
أن يكون معزولاً عن الواقع الثقافي، بل يجب أن يُوازن بين مبادئ العدالة
وبين الاستقرار المجتمعي.
في بعض الحالات، قد يؤدي الزواج – ولو بعد الجريمة – إلى إعادة تأهيل
الجاني وتحقيق نوع من التصالح المجتمعي، خصوصًا في بيئات محافظة
تعتبر الزواج غطاءً شرعياً لإعادة الاعتبار الاجتماعي للضحية نفسها، التي
قد تواجه الوصمة والنبذ بسبب فعل لا ذنب لها فيه.
ثم إن إلغاء المادة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، منها امتناع البعض عن الإبلاغ
حفاظًا على “الستر”، أو الدخول في نزاعات أعنف لا تقود إلى الإنصاف بل
إلى تفكك اجتماعي أكبر. إننا بحاجة إلى إصلاح ثقافي أعمق، لا مجرد
حذف نصوص قانونية تلامس ظاهر المشكلة دون أن تعالج جذورها.
سوال !
وليس كل تعديل قانوني هو بالضرورة تقدم حقوقي؛ فالمعيار الأهم هو: هل
المجتمع مهيأ لتلقّي هذا التغيير؟ وهل ستحقق العدالة غايتها حين تقفز على
الواقع بدلاً من أن تعيد تشكيله تدريجياً؟
ختامي ،،
“ فإنني أؤمن أن إلغاء المادة 182 من قانون الجزاء الكويتي هو خطوة هامة
نحو تصحيح مسار العدالة، وإحقاق الحق في أسمى صوره. إننا لا نطالب سوى
بإحقاق العدالة للضحية، وتحقيق مبدأ المساواة أمام القانون، حيث لا مكان فيه
للظلم أو التكافؤ في الأفعال. نحن اليوم، ونحن نحارب من أجل هذا القرار
التاريخي، نكون قد فتحنا بابًا للإنصاف، وأعلنا أن لا مكان في قوانينا لمن يلتف
على الحق باسم الأعراف، ولا مكان لأي قانون يساوي بين الضحية والجاني.
فليكن هذا كلامي منبراً لإعلاء صوت الحق، ولنعمل معًا نحو مجتمع يحترم
كرامة الإنسان، ويصون حقوقه في كل وقت، وفي كل مكان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زهراء عباس حياة
كلية الحقوق
حد شر الإنسان
يُخيفني الجنس البشري، فقد شهدت في مراحل عديدة من حياتي، مواقف وقفت أمامها مشدوهة، ولا أملك تعليقًا غير: كيف؟ كيف يكون الإنسان على هذا القدر من اللاإنسانية؟ كيف يجرؤ على التجرد منها بهذه الطريقة المطلقة؟ كيف وصل إلى هذا الحد؟ وهل يعي كونه شرًّا؟
والآن، أعتقد أني وصلت إلى استنتاج، وهو أن الإنسان لم يجتهد ليصل إلى هذا الحد، بل هو خُلق على هذا الحد.
مثلما الخير موجود في الإنسان، فإن الشر كذلك موجود. أما الخير فيحدّ منه طبيعة الجنس البشري الذي يسعى وراء رغباته ونزعاته، فلا يكون الخير مطلقًا. أما الشر، فهو مقيّد، وبالضرورة هو مقيّد، وإلا فسدت الأرض.
قسمتُ هذه القيود إلى قسمين: خارجية وداخلية.
أما الخارجية، فهي تتمثل في معيار الدين، والقانون، والعادات والتقاليد، والقيم، والأخلاق. وتختلف وتتفاوت هذه المعايير عند الناس؛ فقد يجمع أناسٌ كل هذه المعايير ويحافظون عليها، فهل يُصنَّفون على أنهم أخيار؟
ومن يفتقر لهذه المعايير، هل يُعتبر قطعاً شرّ؟
لا؛ لأنه لا يوجد ما يقطع بأن هذه المعايير منزهة وحاكمة، ولا يوجد ما يقطع بأن من يحافظ عليها تكون هي غايته، وليست وسيلة لشيء آخر.
إذًا، ما المعيار القطعي؟
هو المعيار الداخلي ويتمثل بالضمير، وهو الأسمى، والأصدق، والأصح، وهو من يملك القوة الأكبر في الحدّ من شر الإنسان، بل والارتقاء به إلى الخير. وأراه الأقوى لسببين:
الأول: أنه - ومن رأفة الخالق بنا - موجود لدى كل إنسان، بغض النظر عن قوته أو ضعفه.
والثاني: أن من يهرب، أو يتهرب، أو يراوغ المعايير الخارجية، لا يمكنه أن يهرب من نفسه.
وإذا كانت كل هذه القيود موجودة للحد من بشاعة ما قد يرتكبه الإنسان، فكيف يتمكن من كسرها؟ وكيف يُسكت ضميره إلى الحد الذي يجعله أبكم؟
القيود الظاهرية، ما لم يؤمن بها الإنسان، ستكون هشّة سهلة الكسر، خصوصًا أنه بطبيعته له رغبات ومآرب قد لا تتحقق إلا بطريق الشر.
فإذا تعدّى القيود الظاهرية، يصبح أمام القيد الأكبر، وهو الضمير. فماذا يفعل به؟
في الحقيقة، لا يستطيع أن يفعل له شيئًا، ولا يستطيع أن يواجهه، فهو يرغب أن ينام في الليل مرتاحًا، كما يرغب بأن يحافظ على صورته أمام نفسه.
فما الذي يفعله؟
يتذرع بسبب، بل بمليون سبب، يسكت به هذا الضمير. وعندما يسكت الضمير مرة، ويذوق حلاوة الوصول للغاية، فسيحترف مراوغة ضميره. ومرةً على مرة، يُبكِم الضمير تمامًا. وهذا أسوأ ما قد يحدث للمرء. ومثال على أنه لا يستطيع - كائنًا من كان - أن يواجه ضميره، حتى من نتفق جميعًا على أنه شرٌّ مطلق، وهو إبليس؛ فحتى هو لم يستطع أن يعترف بحقيقة أنه متكبر بعد رفضه السجود لآدم، حتى بعد أن حاصره الله بالسؤال:
“أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ؟”
إبليس كان على قدر من الوعي الذي جعله يدرك أن إجابته في كلا الحالتين تجعله يقر بخطئه، فتذرّع بتبرير عنصري:
“أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ”
وهذا التبرير يدلّ على أنه حقًا استكبر. فالتبرير أيضًا دائمًا ما يكون متجانسًا ومتناسقًا مع الفعل الخاطئ، والجنس البشري لا يختلف كثيرًا عن نهج إبليس.
ولكن، ماذا لو أعمل الإنسان الصدق (حصرًا) الذي في داخله ليعينه على إخماد الشر الذي أيضًا في داخله؟
فهو العلاج الوحيد لإبقاء الضمير حيًّا، فيكون صادقًا مع نفسه على الأقل، ويُقرّ بداخله أن ما يفعله لا يجوز، في أبسط الأمور.
هل يمكنه - حينها - أن يصل إلى الحد الذي كان يخيفني؟
لا أظن ذلك
بقلم: حصة الحربي
كلية الآداب ـ اللغة العربية
في رحيل الطالبة نورة هادي العجمي
بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) صدق الله العظيم. لم يكن يومًا عاديًا، لم يكن رتيبًا، ولم يكن طبيعيًا. وهنا ندرك أن العادية التي نشتكي منها أحيانًا، ما هي إلا نعمة تستحق الشكر. كان يومًا ثقيلًا، عاصفًا بغباره وأخباره، عصيًّا على الاستيعاب، حين خيَّم الحزن على جامعة الكويت يوم الأربعاء 25 يونيو 2025، حيث ورد إلينا خبر وفاة الطالبة والزميلة نورة هادي العجمي، طالبة كلية الآداب – قسم اللغة العربية، والتي وافتها المنية إثر حادث مروري، لتغادرَ هذه الدنيا وهي في طريقها لطلب العلم.
صدقا، كانت الوجوه عابسة، والقلوب منقبضة، وكأننا نعرفها عن قرب. وفي الحقيقة، إننا في مجتمع الجامعة نرتبط ببعضنا بخيوط خفية لا تدركها الأبصار؛ خيوطِ العلم والطموح والحلم المشترك.
هذه الخيوط التي تبدو خفية في الأيام العادية، تتجلى بقوة حين يمس أحدنا الضر، وتتحول إلى حبال متينة من التعاضد والتماسك. فإذا مسّ الضر فردًا منّا، فإن الجميع يتألم، والجميع يساهم ويساعد ويقف بجانب الآخر. ونحن اليوم نملك ما هي أحوج إليه وهو الدعاء. فنسأل الله العلي العظيم أن يغفر لها، ويعوض شبابها في الجنة.
قد لا أملك إلا قلمي ودعوة صادقة أسأل الله أن يتقبلها قبولًا حسنًا. وأخيرًا، نعرب عن خالص تعازينا وصادق مواساتنا لأسرة الفقيدة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته، ويلهم أهلها وذويها الصبرَ والسلوان، وإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ...
بقلم: سبأ الفضلي
كلية التربية
عقلي الذي اختار أن يحترق
ذات ظهيرة في مدرستي الثانوية، شعرت أن عقلي اللاواعي وأفكاري المجنونة تمددت لتمتزج مع حياتي الشخصية.. لم أعد أنا، ولم يعد العالم كما كان.
الوجوه أصبحت غريبة، والهواء أكثر خنقة، واستنجدت بلا صوت وكأنني أنادي ولا أحد يسمع، رأيتهم يتحدثون ويلتفتون إلي تلك الفتاة التي سبقتني بالشطارة، وكنت أغار منها نوعاً ما، وصديقتها التي تسابقها الموضة، المتلازمتان كالملعقة فوق المعلقة، نظرت للأرض، لم تعد الأرض تحملني، وشعرت بي أسقط بهاوية من الشكوك والأفكار الغريبة المستغربة التي ستلازمني على شكل نوبات لسنة أو أكثر بقليل.هم يتحدثون عنك من أنتِ لكي يحبوك؟ من أنتِ لكي يحبك أي أحد؟
وفكرة تلهث وراء فكرة، يتسابقون كي يقشعوا الأمل مني، ويفقدوني توازني الحسي، وشعرت أن كل العالم هو عقل يحترق ـ عقلي ـ وأن عقلي هو العالم أجمع.
كنت في خضم نوبة لم أعلم اسمها العلمي حينها، ولم أعلم أن هذه الأوهام المتلاحقة والشكوك الطاحنة هي بالأصل اضطراباً، لكن السماء عندما حسبتها تضحك علي مطراً كانت تعرف، وفتيات الفصل اللاتي شكلن في وعيي وحوشاً كاسرة كن يعرفن والمعلمات اللواتي اخترن يومها من فرط رعبي أن يسألنني ما بك يا سما كن يعلمن أن بي خطبا ما.
صرخت دون صوت عندما ذهبنا لصالة البدنية واصطففن أمامي، وكان عقلي جازما على أنها مؤامرة ضدي لشنقي في (الهدة) ، لم أكن أعلم حينها أنني كنت سأقتل فعلاً، عندما جرجرت نفسي وحقيبتي لأمي وبكيت بحرقة من لا يعلم ما خطبه وما الذي حصل، قتل الاضطراب شيئا عميقا بي، ولكنه أحيا بي العمق أيضاً، قتل قدرتي على التواصل مع الناس، وقدرتي على الاستيعاب ومشاعر الفرح، وجدد بي فرط الوعي واستمالة الناس ليقفوا بصفي والأوهام الخيالية التي لا تصدق.
عندما أحاول وصف ،الذهان ، أستطيع وصفه بأنه حالة من عدم التصديق والوهم حيث يستولي شعور أن لا أحد سيصدق الجنون الذي أصدقه مئة بالمئة، فمرة صدقت أن المذيع الذي رأيته في التلفاز قبل خروجي أنا وأمي لترفه عني يلاحقني، ولم أتجرأ على أن أقول لها بأن هناك من يلحقنا، لأنني كنت أعلم في قرارة نفسي أنها ستلتفت وستلحظ الغبار والغبار فقط.
ذهاني أخف، لا تختلط علي الألوان والأشكال ولا أسمع ولا أرى أشكال من الظلام، ذهاني مرتكز في عقلي وليس في حسي. في الأوهام التي تطحنني وتطرحني أرضا، وتجعلني تحت رحمة التصديق
واللا تصديق.
لكن الذهان ليس جنوناً تاماً، وليس نهاية للحياة، بل بداية لها. وقد تكون بداية غريبة ومستعصية، ولكنهابداية جديدة علمتني الكثير عن علاقتي مع الله وأحبابي والموجودات، وكيف أقدر أبسط النعم من المأكل والمشرب إلى الشجر الشاهق وكيف من الممكن أن تسلب منك أعظم نعمة وهي العقل في لحظة.
الذهان خلل، نعم، لكنني أستطيع التعايش معه كما تستطيع عزيزي القارئ التعايش مع ما ينغص عليك حياتك، سواء أكان مرضاً أم اضطراباً أم فقداً إلى آخره.
وما بين أول نوبة وآخر نوبة، تبدأ حكاية النشوء، حكايتي، وكيف اخترت أن أحكيها دون خوف من العواقب المجتمعية، خلق بي الذهان الكثير من أساليب حماية نفسي منه، ولكنه أيضاً علمني كيف أحب،
وأكتب، وأتأمل. أن أعيش، حتى ولو بعقل اختار أن يحترق.
بقلم: سما العدواني
الدرس الذي تجاوز جدران القاعة
من حقّ أهل الفضل أن يُذكروا، ومن الوفاء أن يُشاد بجميل أثرهم في العقول والقلوب. وفي زمنٍ قد تُغفل فيه القامات الصادقة، يظلّ العِلم شامخًا بأهله، أولئك الذين يُضيئون الدرب بصمت، ويزرعون فينا حبّ الكلمة، ودقّة الميزان، وبهاء اللغة.
في هذه الأسطر، أجد لزامًا عليّ أن أكتب عن أستاذي الجليل، ودكتوري الفاضل، لا لأقدّمه، فهو فوق حاجة التعريف، بل لأُعبّر عن شيء من الامتنان، وأدوّن أثره النبيل في مسيرتي الجامعية.
لم يكن يشرح لنا القواعد فحسب، بل كان يعلّمنا كيف نفهم اللغة من داخلها، وكيف نُصغي للإيقاع الخفي في القصيدة، ونقدّر دقّة البنية في الجملة، ونقرأ الجذر قبل أن نقرأ الحرف. علّمنا أن اللغة ليست أدوات نحفظها ونستعملها، بل روح نفهم بها أنفسنا وتاريخنا وهُويتنا.
ما يميّزه أنه قارئ لا يهدأ، وباحث لا يتوقّف. يدخل القاعة الدراسية وكأنها منبر علم، لا يرفع صوته، لكن كلماته كانت تترك أثرًا. لا يُغرقنا بالمعلومات، بل يفتح لنا باب الدهشة، ويجعلنا نبحث معه، لا خلفه. يكرّر بصبر، ويوضّح برحابة، ولا يُخفي امتعاضه من الإهمال والتكاسل، لا لأنّه يريد التفوّق لنا فقط، بل لأنّه يقدّر قيمة هذا العلم.
ولعلّ ما يجعلني أكتب اليوم، هو أن بعض القامات تمشي بيننا بصمت، فلا يشعر كثيرون بثقلها العلمي، ولا يلتفتون إلى ما تزرعه من قيم. وأنا أؤمن أن الصمت عن شكرها تقصير، وأن الاعتراف بالفضل نوع من العدالة. قد لا تصل هذه الكلمات إليه، وقد تمرّ عليه دون أن يتوقف عندها طويلًا، لكنه - من حيث لا يدري- غيّر فينا الكثير، وبثّ فينا شغفًا سيبقى حاضرًا في كل ما نقرأ ونكتب ونفكّر.
إن شكره لا يُختزل في كلمات، ولكنّي أكتب، لأن الكلمة أمانة، ولأن الاعتراف بالفضل دينٌ لا يجوز تأجيله.
إلى دكتور زكريّا محمد الكندري: شكرًا لأنك جعلت من العلم رسالة، ومن التعليم موقفًا، ومن الحرف أثرًا لا يُنسى، شكرًا لأنك منحتنا من وقتك وجهدك وصدقك،
ما سيبقى فينا طويلًا، حتى بعد أن نغادر مقاعد الجامعة. لقد كنت معلمًا استثنائيًّا في حضوره وعطائه، والفضل لا يُنسى، وإن تأخّر شكره.
بقلم: منال الشمري
اللغة العربية وآدابها
ما قيمة الذكاء الاصطناعي إن لم تُحيَى الحياة وفق مبادئ؟
حين قرأ ألفرد نوبل نعيه عن طريق الخطأ، لم يجد فيه إشادة بعقله، ولا احتفاءً بإنجازاته، بل وُصف بأنه «تاجر الموت». هكذا رآه الناس، وهذا آخر ما ذُكر عنه. لقد امتلك نوبل المعرفة باختراع الديناميت، واستخدم في مجالات مدمّرة في الحروب، لكن غفل عن الأثر الذي تركه في نفوس الآخرين، لأنه لم يُدرك أن الناس لا يتذكرون ما قلته، ولا ما صنعته، بقدر ما يتذكرون ما جعلتهم يشعرون به.
وفي زمنٍ أصبح فيه الذكاء الاصطناعي متاحًا للجميع، تارةً تصبح عالمًا نوويًا مثل أوبنهايمر، وتارةً أخرى مخرجًا سينمائيًا مثل كريستوفر نولان، وأخرى كاتبًا روائيًا مثل دوستويفسكي، يبقى التفاضل الحقيقي بيننا فيما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي إدراكه حتى الآن هو النية الطيبة، والمبدأ، والصدق، والإخلاص، والوفاء في التعامل أو بمعنى آخر الأخلاق الحميدة. ففي السابق من كان يملك العلم والشهادات العليا كان يملك القوة المؤثرة، حتى ولو لم يتحلَّ بأي قيمة تُذكر، كان يُمكن الصبر عليه لما يقدمه من علم. أما الآن، فقيمة المعرفة باتت متاحة للجميع وبثمنٍ بخس ما يقارب ستة دنانير شهريًا إن تطلب الأمر الاشتراك مع OpenAI، أو مجانًا مع DeepSeek نستطيع من خلالها بناء مشاريعنا، والحصول على العلم الذي نريده في أي وقت، بل والتحكم في مخرجاته حتى نصل إلى مستوى يفوق ما تقدمه أعرق الجامعات مثل أوكسفورد وستانفورد وكلية لندن البريطانية، فقط بإتقان فن هندسة الأوامر.
نحن جيل لم يشهد الثورة الصناعية الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، لكننا نشهد الآن الثورة الصناعية الرابعة وهي ثورة الذكاء الاصطناعي في بدايتها وسرعة تطورها في زمن انقلبت فيه الموازين، حين كان الجميع يتصارع ويتسابق وراء الشهادات والعلاقات ذات المصالح الشخصية المفرطة التي تتجاوز حدود المنطق والمصلحة العامة، ويُهدر فيه الوقت في مناسبات لا فائدة منها، وتجمّعات نهاية الأسبوع مع أناس لا ينسجمون معهم، فقط لتحقيق مصالح مؤقتة. وبعد انتفاء المصلحة، تختفي هذه الصداقة، ويُعاد استنزاف الطاقة كل مرة، حتى يبلغ المرء العقد السادس أو السابع من عمره، ويكتشف متأخرًا أن لديه المال والشهادات والمناصب، لكنه يفتقر إلى أناسٍ صادقين، داعمين، مستمعين، ومخلصين. أما الآن، ومع الذكاء الاصطناعي أو بالأحرى الإبداعي، الذي غيّر مجرى العالم في جميع المجالات العملية والاجتماعية والشخصية فقد كسر هذه الدائرة أو السلسلة. إذ بات بإمكان طفل في الخامسة من عمره أن يبني مشروعًا خاصًا به دون الحاجة إلى أحد خارج محيط جدران غرفته. فماذا ينقصه الآن؟ اذ ينقصه وجود أشخاص حقيقيين، يبعثون الطمأنينة، ويضيفون للسلام الداخلي من أهل وأصدقاء وزملاء. وهنا تبدأ رحلة البحث عن هذه المزايا النادرة.
لذا، اغتنم هذه الفرصة الآن في خلق بيئة أكثر اتزانًا بدلًا من النزاعات العملية والمنافسات غير الضرورية، فالأفكار لا تنتهي، والقمة تتّسع للجميع، والذكاء الاصطناعي يفعل كل شيء، إن لم يكن الآن فبعد أيامٍ قليلة. وتبقى الأخلاق الأصيلة، والنية الطيبة، والمبادئ الإنسانية فوق كل شيء. هي معادلة بسيطة، كلما كان الشيء متاحًا للجميع، فقد قيمته وبريقه وتميّزه. وكلما ندر، زادت قيمته وارتفع الطلب عليه. فلا تكن مثل نوبل، الذي أدرك متأخرًا أن قيمته لا تُقاس بما اخترعه، بل بما تركه في قلوب من حوله، مما دفعه لاحقًا لتأسيس جائزة نوبل تكفيرًا عن الأثر الذي تركه اختراعه في نفوس البشر. ولحسن حظه، أنه استوعب ذلك، فغيره رحل دون أن يعي ذلك. لذا نحن نعيش في مرحلة “الذكاء” الخارق لكن «النبْل» نادر.
م.أسماء محمد السعيدي
هندسة بترول
ماجستير هندسة بترول
الإنسان بلا وطن...”
الإنسان بلا وطن... حكاية ألم ومعاناة، تُروى بدموع الشوق والحنين في خضمّ بحر الحياة المتلاطم، كائن تائه في بحر الحياة، يبحث عن مرسى يأويه، يظهر الإنسان بلا وطن كمركب تائه، ولكنه لا يجده ، إنها قصة ألم ومعاناة، تُروى بدموع الشوق والحنين، عن كائن اقتُلعت جذوره من أرضه، فأصبح كشجرة ذابلة في صحراء قاحلة ، يفقد هويته، ويتلاشى انتماؤه، ويتحول إلى مجرد رقم في سجلات اللاجئين والنازحين، يعيش في غربة دائمة، يبحث عن مأوى، عن حضن دافئ يحتويه.
الوطن هو الحضن الدافئ الذي يولد فيه الإنسان، وينمو في كنفه، ويتعلم فيه قيم الحياة ومعانيها، إنها الأرض التي تحمل ذكريات الطفولة، وأحلام الشباب، وآمال المستقبل، وبدون وطن، يفقد الإنسان الكثير، لكنه قد يجد القوة في التشبث بالأمل، وبناء حياة جديدة.
الحياة بلا وطن هي حياة قاسية وصعبة، مليئة بالتحديات والمخاطر،فالإنسان يعيش في خوف دائم، ويواجه تحديات الترحيل والتهجير، وفقدان الأمان والاستقرار، ويفقد الحق في التعليم والصحة والعمل، ويعيش في ظل التمييز والظلم، كذلك يصبح عرضة للاستغلال والانتهاكات، ولكنه يجد في داخله قوة الصمود التي تمكنه من التغلب على الصعاب.
وبالرغم من كل ذلك، يحاول الإنسان أن يبني لنفسه حياة جديدة في أرض غريبة، يتعلم ويتكيف مع عادات وتقاليد مختلفة، ويحاول أن يجد مكانًا له في هذا العالم، ويبقى يحمل في قلبه حنينًا أبديًا إلى وطنه، إلى ذكريات الطفولة، إلى رائحة الأرض التي نشأ فيها.
لذلك، يجب على كل إنسان أن يدرك ويقدر قيمة الوطن، وأن يدافع عنه. فالوطن هو الحضن الدافئ، وهو رمز العزة والكرامة، وهو الملاذ الآمن، وأساس الحياة الكريمة. وبدون وطن، قد يفقد الإنسان الكثير ،دمتِ لنا يا أرض السلام والعطاء والوفاء، يا منبع العز والفخر، في كل ركن من أركانك، أجد قصة حب وانتماء تتجدد مع كل شروق شمس ، أشعر بالفخر والاعتزاز عندما أرى علم بلادي يرفرف عاليًا في السماء، في كل خطوة أخطوها على أرضك، أتنفس عبق التاريخ والحضارة، وأرى فيكِ رمزًا للصمود والتحدي، وقدوة في العطاء والبذل ، أنتِ يا كويت، في قلبي وعقلي، في كل ما أفعل وأقول، سأظل أدافع عنكِ وأعمل من أجل رفعتكِ وازدهاركِ، فحبكِ يجري في عروقي، وولائي لكِ هو كل ما أملك.
دمت لنا يا ارض السلام وأرض الخير
بدرية مطر غانم الشمري
كلية التربية
الغرب يقتبس المبادئ
الإسلام ليس طقوسًا فحسب، بل هو نسقٌ ربّاني من المبادئ التي تلامس أعماق الفطرة، وتصوغ الإنسان في أبهى صور الاتزان والسكينة. والعجيب — لا من باب المصادفة — ان نرى الغرب اليوم يقتبس من هذه المبادئ، ويعيد تغليفها تحت عناوين جديدة، وهو لا يعلم – أو يعلم ويتغافل – أن جوهر ما يُروّج له هو هديٌ محمدي وسنن ربانية.
فها هو الصيام المتقطع يُطرح اليوم في الأوساط الطبية كسرٍّ لصحة الجسد وصفاء الذهن، بينما المسلم يطرق هذا الباب كل اثنين وخميس، ويبلغ قمته في رمضان. أما الاستيقاظ المبكر، شعار الناجحين عندهم، فقد سبقتهم به أمة «بورك لأمتي في بكورها».
وفي دراسة منشورة في Journal of Internal Medicine، وُثّقت أضرار لحم الخنزير وارتباطه بأمراض مزمنة، وهو ما جاء تحريمه في كتابٍ لا يأتيه الباطل.
لكن الفارق الجوهري أن ما عندنا وحيٌ، وما عندهم اجتهاد. وما نفعله عبادة، وما يفعلونه تجربة.
فلا تنظر إليهم بعين الانبهار وتنسى من أنت. إنك على الحق، على منهاجٍ سبق العالمين بنوره، فاعتز، وكن شعلةً لا ظلًا.
تركية عبدالعزيز الحربي
كلية الآداب
أدبي أو علمي؟ فيزياء السياسة أو سياسية الفيزياء؟
أُبارك لكل خريجي الثانوية العامة لعام 2025 وأود لفت انتباه الطلبة الراغبين بالالتحاق بجامعة الكويت لدراسة تخصصاتهم وتحقيق طموحاتهم الأكاديمية بأن معضلة سؤال ( أدبي أو علمي؟) شبه انتهت في المسار الأكاديمي الجامعي وذلك بسبب ميزة جبارة تتمتع بها جامعة الكويت! وهي الجمع بين تخصصين في كثير من التخصصات الجامعة التي تُدَرَّس بشكل فصلي.
فها أنا آتيكم من المستقبل لأُبشركم أن كلا الأمرين متناسق ومتجانس روحانيًا و أكاديميًا . اقتداءً بالسلف الصالح الذين جمعوا “ تقريبا “ العلوم كلها بدءً من دراسة الذَرّة و جسم الإنسان وتفاعلاته في المجتمع وصولاً إلى تفسير حركة الأجرام السماوية والتوغل في كل الأسئلة الوجودية اخترت أن يكون تخصصي الرئيسي علوم الفيزياء في كلية العلوم و التخصص المساند هو العلوم السياسية في كلية العلوم الاجتماعية.
أؤمن أنا بأن مرحلة البكالوريوس في وقتنا الحالي هي مرحلة دراسية عامة تستطيع أن تنتهز فيها فرصة التشعب وتترك الغوص في عمق التخصص للماجستير والدكتوراه فيما بعد. وفي شرعي، الفَصل بين العلم والأدب مُجَرّم ولن يُباح إلا إذا تسنى للإنسان المشي على قدم واحدة دون إعانة فكلا المجالين أطراف يستقيم بها الإنسان في حياته.
أُشجع زملائي الطلبة وقارئي هذا المقال أن يلفتوا نظر خريجي الثانوية العامة على الجمع بين مختلف التخصصات وقطف أزكى الورود من كل بستان.
نورا محارب
كلية العلوم
إدارة الوقت
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتزاحم فيه المهام، أصبحت إدارة الوقت مهارة أساسية لا غنى عنها لكل طالب وطالبة، ولكل فرد يسعى لتحقيق النجاح والتميّز.
فالوقت ليس مجرد دقائق وساعات تمضي، بل هو حياة كاملة، ومن يُحسن إدارته يُحسن إدارة مستقبله.
كثيرًا ما نسمع عبارات مثل: “ما عندي وقت”، أو “يوم خلص بسرعة”، لكن الحقيقة أن الوقت ثابت، وما يتغيّر هو كيفية استخدامنا له.
إدارة الوقت لا تعني الضغط على النفس، بل تعني توزيع الجهد بحكمة، وتحديد الأولويات، والتمييز بين ما هو عاجل وما هو مهم.
من التجارب التي تعلمناها كطلاب في الجامعة، أن التأجيل يُراكم المهام ويخلق توترًا قد يعيق الأداء.
بينما الطالب الذي يُخطط ليومه، ويضع جدولًا مرنًا يوازن بين الدراسة والراحة، يجد نفسه أكثر تركيزًا وأقل توترًا.
بل إن جودة الإنجاز تكون أعلى، والوقت المتبقي يكون أكثر راحة.
ومن أسرار إدارة الوقت الفعالة:
• كتابة قائمة مهام يومية (To-Do List)
• تجنّب التسويف والمشتتات (مثل الهاتف أثناء الدراسة)
• تخصيص وقت للراحة والنشاط البدني
• تحديد أهداف قصيرة وطويلة المدى
الخلاصة أن إدارة الوقت ليست فقط للطلاب المتفوقين، بل هي السبب وراء تفوقهم.
وبقدر ما نُعطي الوقت قيمته، يعطينا هو فرصًا لنعيش أفضل نسخة من أنفسنا.
الوقت هو المورد الوحيد الذي لا يمكن تعويضه، فإما أن تملكه أو يملكك.
نادية الهدية
كلية التربية
“النقل العام … نحو بيئة أنظف في الكويت”
في ظل التحديات البيئية المتزايدة، والتغير المناخي الذي يشهده العالم وتزايد درجات الحرارة نتيجة الاحتباس الحراري، أصبح من الضروري التحرك نحو حلول مستدامة تساهم في الحفاظ على بيئتنا وسلامتنا كأفراد وتوفير بيئة آمنة للأجيال القادمة التي ستفتح نار العتب واللوم والمحاسبة على أسلافها إن لم تكن حريصة على الحفاظ على استدامة البيئة و من بين هذه الحلول، يبرز التحول إلى النقل العام الكهربائي كخطوة استراتيجية لتقليل التلوث وتحقيق التنمية المستدامة ، فتقدمنا باقتراحنا هذا الى وزارة الداخلية وبلدية الكويت والذي قوبل بالموافقة واحالته للجهات المختصة لمزيد من لدراسة قبل التطبيق شاكرين لهم جهودهم وحرصهم على كل ما فيه من منفعة وطننا العزيز حيث نقترح تحويل مركبات النقل العام في الكويت إلى مركبات كهربائية لتحقيق ذلك الهدف لاسيما وأن مركبات النقل العام بالكويت هي الأكثر انتشارا على الطرقات لذلك تحويلها إلى مركبات كهربائية سيبدأ بزرع ثقافة الاستدامة والحفاظ على البيئة شيئا فشيئا و قد تأثر على سلوك المستهلكين عندما يرونها على الطرقات في أرض الواقع فإنه قد يقومون باستبدال مركباتهم الشخصية في أخرى كهربائية إيمانا منهم بأهمية استدامة البيئة وتصديقا منهم بجدية موضوع التلوث البيئي وحرصا منهم على الأجيال القادمة بل تقدم أيضًا تجربة ركوب أكثر هدوءًا وراحة للركاب في المناطق الحضرية الحديثة ومن منظور كفاءة الطاقة، تساعد المركبات الكهربائية في خفض تكاليف التشغيل. إذ تستهلك المحركات الكهربائية طاقة أقل بنحو 50% مقارنةً بمحركات الاحتراق الداخلي، مما يوفر وفورات طويلة الأمد لهيئات النقل. وان من جملة فوائد هذا التحول هو:
1. تقليل التلوث الضوضائي:
الذي أصبح مشكلة تؤثر على جودة الحياة في المدن. يمكن تقليل الضوضاء بشكل كبير، مما يعزز من الطابع الحضاري للمدينة. مدينة “شنزن” في الصين تعتبر مثالاً ناجحاً في هذا المجال، حيث أن تحويل وسائل النقل إلى كهربائية ساهم في خلق بيئة أكثر هدوءًاهناك علاوة على ذلك، تساهم العمليات الهادئة للمركبات الكهربائية في تقليل التلوث الضوضائي في البيئات الحضرية. فعلى سبيل المثال، كشفت دراسة أُجريت في لندن أن الحافلات الكهربائية تُنتج ضوضاء أقل بنسبة 60% مقارنةً بالحافلات التي تعمل بالديزل، مما يوفر تجربة أكثر راحة وهدوءًا للركاب.
2. الحد من التلوث الهوائي:
وهو أحد التحديات البيئية الرئيسية التي نواجهها. يمكننا تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والملوثات الأخرى، مما يساهم في تحسين جودة الهواء ويقلل من آثار التغير المناخي الذي يقود الى كوارث بيئية خطيرة اذا ما تم الحد منه . وتعزيز نظام نقل صديق للبيئة. ووفقًا لتقرير «بلومبيرغ لتمويل الطاقة الجديدة» (BNEF)، يمكن للحافلة الكهربائية الواحدة أن تمنع انبعاث نحو 135 طنًا من الكربون سنويًا، مما يساهم بشكل كبير في تقليل الأثر البيئي للنقل العام.
ولكن، يتبقى الدعم من الجهات المسؤولة لتنفيذ هذا التحول بشكل فعال، من المهم أن تعمل الجهات المسؤولة على توفير بنية تحتية مناسبة. مثل توفير مراكز شحن كافية بأسعار معقولة لضمان سهولة استخدام المركبات الكهربائية. كما يجب أن تراقب وزارة التجارة الأسعار لضمان عدم استغلال الوضع من قبل الوكلاء. ثم ان تشرع باطلاق حملة إعلامية لرفع ثقافة التحول للمركبات الكهربائية زيادة الوعي حول استخدامها ثم من أبرز العقبات التي تعيق التوسع في استخدام المركبات الكهربائية في وسائل النقل العام هي محدودية البنية التحتية لشحن هذه المركبات. فالكثير من المدن تفتقر إلى محطات شحن كافية، مما يجعل من الصعب على مركبات النقل العام الكهربائية العمل بشكل مستمر لمسافات طويلة. وتشير تقارير النقل في الاتحاد الأوروبي إلى أن الحافلات الكهربائية تحتاج إلى محطات شحن سريع كل 5 إلى 10 كيلومترات لإكمال مساراتها اليومية دون انقطاع ولكن نظراً لصغر حجم مدينتنا من الممكن تغطية جميع محطات التوقف بمراكز شحن حتى وان كانت بعدد متواضع.
في الختام:
نرى ان التحول إلى النقل الكهربائي ليس فقط استثماراً في البنية التحتية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر استدامة ونظافة لنا ولأجيالنا القادمة . دعونا نعمل جميعاً لتحقيق هذا الهدف وتعزيز مكانة الكويت كدولة رائدة في مجال الاستدامة ومن خلال التغلب على تحديات البنية التحتية والتكلفة، إلى جانب تقديم الحوافز والدعم المالي المناسب، يمكن تعزيز اعتماد المركبات الكهربائية بشكل أوسع، مما يُسهم في تسريع الانتقال إلى حلول نقل مستدامة
يوسف جعفر الحداد
خلود وليد الكندري
كلية العلوم الادارية